شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
93041 مشاهدة
سنن العيد

ويسن إذا غدا من طريق أن يرجع من طريق آخر لما روى البخاري عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق وكذا الجمعة. قال في شرح المنتهى: ولا يمتنع ذلك أيضا في غير الجمعة، وقال في المبدع: الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنًى خاص فلا يلتحق به غيره


نذكر في الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب إلى مصلى العيد من طريق رجع من طريق آخر لا يرجع من الطريق الذي ذهب منه؛ الحكمة إما تكثير المواضع العبادة وعلى هذا فتلحق به الجمع والصلوات الأخرى، وقيل: إن الحكمة فيه إغاظة المنافقين إذا ذهب من طريق ومر بهم, ورجع من طريق أخرى ومر بهم غاظ هؤلاء, وغاظ هؤلاء، ولكن يُلحَق بذلك أيضا الْجُمَع والصلوات الخمس ونحوها، وقيل: إن الحكمة في ذلك هي تعليم الأهالي أن يمر بهؤلاء فيعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، ويمر بهؤلاء راجعا فيعلمهم، وقيل: إن القصد التوسعة والصدقة أنك إذا مررت بهؤلاء رأيت فيهم مثلا ضعفاء تصدقت عليهم، فإذا رجعت مررت بآخرين مستحقين أيضا للصدقة فتصدقت عليهم، وهناك من يقول: إن الحكمة غير معلومة فتختص بصلاة العيد ولا يُلحق بها غيرها من الصلوات. وتكفي المخالفة ولو كانت يسيرة؛ يعني إذا ذهبت مثلا إلى مسجد مصلى العيد مع هذا الطريق الذي يذهب مثلا في هذه الجهة، ورجعت مع هذا الطريق الذي يكون في جهة الشرق حصلت المخالفة. نعم.